وسط الحرب والدمار.. صناعة الفخار تنتعش في غزة لتعويض نقص الأواني
وسط الحرب والدمار.. صناعة الفخار تنتعش في غزة لتعويض نقص الأواني
تشهد صناعة الفخار التقليدية في قطاع غزة انتعاشًا ملحوظًا، بعد أن تراجعت لعقود، وذلك نتيجة الحاجة الماسة إلى الأواني المنزلية في ظل النقص الحاد الناتج عن الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام.
جعفر عطاالله، الحرفي البالغ 28 عامًا وصاحب ورشة لصناعة الفخار في مدينة دير البلح، قال إنه يشهد طلبًا غير مسبوق على الأواني الفخارية، وفق وكالة "فرانس برس".
وأوضح عطاالله، الذي ينحدر من عائلة عريقة في هذا المجال، أنه يعمل دون توقف لتلبية الطلب المتزايد، إذ ينتج يوميًا حوالي 100 قطعة تشمل أطباق الحساء، وأوعية الطعام التقليدية مثل "الزبدية" و"الإبريق".
من حي الفواخير للمخيمات
وأضاف أن ورشته السابقة في حي "الفواخير" بمدينة غزة كانت تنتج نحو 1500 قطعة يوميًا قبل أن تدمرها الحرب التي اندلعت في أكتوبر 2023.
وأشار إلى أن حي "الفواخير"، الذي كان يضم عشرات الورش والمصانع، تعرض للتدمير الكامل تقريبًا.
وأدى ارتفاع الطلب على الأواني الفخارية إلى زيادة كبيرة في الأسعار، حيث يُباع الإناء الواحد الآن بـ10 شواقل (نحو 2.7 دولار)، وهو ما يعادل 5 أضعاف سعره قبل الحرب.
وأوضح عطاالله، الذي نزح إلى دير البلح مع أسرته، أن نقص المواد الخام وارتفاع تكلفة الإنتاج أسهما في هذا الارتفاع.
حصار ونقص الخامات
تأتي هذه الأزمة في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2007، والذي تفاقم مع الحرب الأخيرة، ما تسبب في تعطيل شبه كامل للصناعات المحلية نتيجة الدمار، ونقص المواد الخام، وانقطاع الكهرباء.
رغم توافر الأواني المعدنية والزجاجية في غزة قبل الحرب، فإن الأواني الفخارية باتت الخيار الوحيد المتاح أمام العديد من العائلات، خاصة النازحين الذين يجدون فيها وسيلة اقتصادية للحفاظ على الطعام والماء.
وتعتبر الأواني الفخارية، التي تُصنع يدويًا وتجفف في الشمس، بديلاً عمليًا في ظل انعدام الخيارات الأخرى.
وقالت لارا الترك، وهي ربة منزل نازحة تقيم في مخيم النصيرات، إنها اضطرت لشراء إناء فخاري لتلبية احتياجات أطفالها رغم سعره المرتفع.
وأشارت إلى أن الأواني الفخارية أصبحت أساسية في حياتهم اليومية، خاصة في ظل انقطاع المياه وصعوبة الوصول إلى الأدوات المنزلية التقليدية.
إبداع وسط الأزمة الإنسانية
في مواجهة التحديات المستمرة، يواصل سكان غزة الاعتماد على طرق مبتكرة للصمود، مثل استخدام الحمير للنقل وسط ندرة الوقود، واللجوء إلى الحلول المحلية لتعويض النقص في الموارد.
ومع نزوح أكثر من 1.5 مليون شخص إلى مراكز الإيواء والخيام، تبدو قدرة سكان القطاع على التأقلم مع الأوضاع الصعبة نموذجًا للمرونة والصمود الإنساني.